الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ الشرح: قوله: (باب إماطة الأذى) أي إزالته. قوله: (وقال همام إلخ) هو طرف من حديث وصله المصنف في الجهاد في باب من أخذ بالركاب بلفظ " وتميط الأذى عن الطريق صدقة " وسيأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى. ووقع في حديث أبي صالح عن أبي هريرة في ذكر شعب الإيمان " أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " ومعنى كون الإماطة صدقة أنه تسبب إلى سلامة من يمر به من الأذى، فكأنه تصدق عليه بذلك فحصل له أجر الصدقة. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإمساك عن الشر صدقة على النفس. *3* الشرح: قوله: (باب الغرفة) بضم المعجمة وسكون الراء أي المكان المرتفع في البيت (والعلية) بضم أوله وتكسر وبتشديد اللام المكسورة وتشديد التحتانية (المشرفة) بالمعجمة والفاء وتخفيف الراء (وغير المشرفة في السطوح وغيرها) ويجتمع بالتقسيم مما ذكره أربعة أشياء: بالنسبة إلى الإشراف، وعدمه، وبالنسبة إلى كونها في السطوح، وفي غيرها. وحكم المشرفة الجواز إذا أمن من الإشراف على عورات المنازل، فإن لم يؤمن لم يجبر على سده بل يؤمر بعدم الإشراف، ولمن هو أسفل منه أن يتحفظ. ثم ساق المصنف في الباب ثلاثة أحاديث. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّي أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ الشرح: " أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم " وهو بضمتين وتقدم في أواخر الحج، وسيأتي الكلام عليه في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا فَحَجَجْتُ مَعَه فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا فَقَالَ وَا عَجَبِي لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الْأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُرَاجِعْنَهُ وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَأَفْزَعَنِي فَقُلْتُ خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَقَالَتْ نَعَمْ فَقُلْتُ خَابَتْ وَخَسِرَتْ أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَهْلِكِينَ لَا تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ وَاسْأَلِينِي مَا بَدَا لَكِ وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكَ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عَائِشَةَ وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ أَنَائِمٌ هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَقَالَ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ قَالَ لَا بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ قَالَ قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي قُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَا أَدْرِي هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي قَالَ أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ فَقَالَ لَا ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَذَكَرَهُ فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُلْتُ لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عَائِشَةَ فَتَبَسَّمَ أُخْرَى فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ فَوَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ وَكَانَ قَدْ قَالَ مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ فَقَالَ إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا وَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ قَالَتْ قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِلَى قَوْلِهِ عَظِيمًا قُلْتُ أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ الشرح: حديث ابن عباس عن عمر في قصة المرأتين اللتين تظاهرتا، أورده مطولا، وقد مضى في العلم مختصرا، ويأتي الكلام على شرحه مستوفى في النكاح إن شاء الله تعالى. وقوله في السند " عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور " وهو تابعي ثقة، ذكر الدمياطي عن الخطيب أنه لم يرو عن غير ابن عباس ولا حدث عنه إلا الزهري ولم يتعقبه، وقد أخرج أبو داود وغيره من طريق محمد بن جعفر عن أبي الزبير عنه عن ابن عباس حديثا فما سلم له الشق الثاني. وقوله: " كنت وجار لي " بالرفع للأكثر، ويجوز النصب. وقوله فيه: " تنعل النعال " أي تضربها وتسويها، أو هو معتمد إلى مفعولين فحذف أحدهما والأصل تنعل الدواب النعال، وروي البغال بالموحدة والمعجمة، وسيأتي في النكاح بلفظ " تنعل الخيل " وقوله: " فأفزعني " أي القول، وللكشميهني " فأفزعنني " بصيغة جمع المؤنث. وقوله: " خابت من فعلت منهن " في رواية الكشميهني " جاءت من فعلت منهن بعظيم " وقوله: " على رمال " بكسر الراء ويجوز ضمها يقال رمل الحصير إذا نسجه، والمراد ضلوعه المتداخلة بمنزلة الخيوط في الثوب المنسوج، وكأنه لم يكن فوق الحصير فراش ولا غيره أو كان بحيث لا يمنع تأثير الحصير. قوله: (فقلت وأنا قائم أستأنس) أي أقول قولا استكشف به هل ينبسط لي أم لا ويكون أول كلامه " يا رسول الله لو رأيتني " ويحتمل أن يكون استفهاما محذوف الأداة أي أأستأنس يا رسول الله؟ ويكون أول الكلام الثاني " لو رأيتني " ويكون جواب الاستفهام محذوفا واكتفى فيما أراد بقرينة الحال. وقوله: " أهبة " بفتح الهمزة والهاء ويجوز ضمها، وقوله: " أنا أصبحنا بتسع " في رواية الكشميهني " لتسع". الحديث: حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا وَكَانَتْ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَجَلَسَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ الشرح: حديث أنس قال: " آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا " الحديث، وسيأتي الكلام عليه في النكاح أيضا، وكأنه أوره لقوله: " فجلس في علية له فجاء عمر فقال أطلقت نساءك " فإن في حديث عمر الذي قبله " فدخل مشربة له فاعتزل فيها " وفيه " فجئت المشربة التي هو فيها فقلت لغلام أسود استأذن لعمر " الحديث، والمراد بالمشربة الغرفة العالية، فأراد بإيراد حديث أنس أنها كانت عالية، وإذا جاز اتخاذ الغرفة العالية جاز اتخاذ غير العالية من باب الأولى، وأما المشرفة فحكمها مستفاد من حديث أسامة الذي صدر به الباب والله أعلم. وأظن البخاري تأسى بعمر حيث ساق الحديث كله، وكان يكفيه في جواب سؤال ابن عباس أن يكتفي بقول عائشة وحفصة، كما كان يكفي البخاري أن يكتفي بقوله مثلا: ودخل النبي صلى الله عليه وسلم مشربة له فاعتزل فيها كما جرت به عادته والله أعلم. وقوله في حديث عمر: " واعجبا " بالتنوين، وأصله " وا " التي للندبة وجاء بعده " عجبا " للتأكيد. وفي رواية الكشميهني " واعجبي"، قال ابن مالك فيه شاهد على استعمال " وا " في غير الندبة وهو رأي المبرد، قيل إن عمر تعجب من ابن عباس كيفه خفي عليه هذا مع اشتهاره عنده بمعرفة التفسير، أو عجب من حرصه على تحصيل التفسير بجميع طرقه حتى في تسمية من أبهم فيه، وهو حجة ظاهرة في السؤال عن تسمية من أبهم أو أهمل. *3* الشرح: قوله: (باب من عقل بعيره على البلاط) بفتح الموحدة وهي حجارة مفروشة كانت عند باب المسجد، وقوله: " أو باب المسجد " هو بالاستنباط من ذلك، وأشار به إلى ما ورد في بعض طرقه، وأورد فيه طرفا من حديث جابر في قصة جمله الذي باعه النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الشروط، وغرضه هنا قوله: " فعقلت الجمل في ناحية البلاط " فإنه يستفاد منه جواز ذلك إذا لم يحصل به ضرر. الحديث: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ قَالَ أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ فَقُلْتُ هَذَا جَمَلُكَ فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ قَالَ الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ الشرح: قوله: (باب من عقل بعيره على البلاط) بفتح الموحدة وهي حجارة مفروشة كانت عند باب المسجد، وقوله: " أو باب المسجد " هو بالاستنباط من ذلك، وأشار به إلى ما ورد في بعض طرقه، وأورد فيه طرفا من حديث جابر في قصة جمله الذي باعه النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الشروط، وغرضه هنا قوله: " فعقلت الجمل في ناحية البلاط " فإنه يستفاد منه جواز ذلك إذا لم يحصل به ضرر. *3* الشرح: قوله: (باب الوقوف والبول عند سباطة قوم) أورد فيه حديث حذيفة في ذلك، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الطهارة، وجاز البول في السباطة وإن كانت لقوم بأعيانهم لأنها أعدت لإلقاء النجاسات والمستقذرات. الحديث: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ لَقَدْ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا الشرح: قوله: (باب الوقوف والبول عند سباطة قوم) أورد فيه حديث حذيفة في ذلك، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الطهارة، وجاز البول في السباطة وإن كانت لقوم بأعيانهم لأنها أعدت لإلقاء النجاسات والمستقذرات. *3* الشرح: قوله: (باب من أخذ الغصن وما يؤذي الناس في الطريق فرمى به) في رواية الكشميهني " من أخر " بتشديد المعجمة بعدها راء، وأورد فيه حديث أبي هريرة في ذلك بلفظ " غصن شوك " وفي حديث أنس عند أحمد " أن شجرة كانت على طريق الناس تؤذيهم فأتى رجل فعزلها " وقد تقدم في أواخر أبواب الأذان مع الكلام عليه. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ الشرح: حديث أبي هريرة في ذلك بلفظ " غصن شوك " وفي حديث أنس عند أحمد " أن شجرة كانت على طريق الناس تؤذيهم فأتى رجل فعزلها " وقد تقدم في أواخر أبواب الأذان مع الكلام عليه، وقوله: " فغفر له " وقع في حديث أنس المذكور " ولقد رأيته يتقلب في ظلها في الجنة " وينظر في هذه الترجمة وفي التي قبلها بثلاثة أبواب وهي إماطة الأذى. وكأن تلك أعم من هذه لعدم تقييدها بالطريق وإن تساويا في فضل عموم المزال، وفيه أن قليل الخير يحصل به كثير الأجر، قال ابن المنير: إنما ترجم به لئلا يتخيل أن الرمي بالغصن وغيره مما يؤدي تصرف في ملك الغير بغير إذنه فيمتنع، فأراد أن يبين أن ذلك لا يمتنع لما فيه من الندب إليه، وقد روى مسلم من حديث أبي برزة قال: " قلت يا رسول الله دلني على عمل أنتفع به، قال: اعزل الأذى عن طريق المسلمين". (تنبيه) : أبو عقيل بفتح المهملة بعدها قاف اسمه بشير بفتح أوله وبالمعجمة ابن عقبة، وسيأتي في الشركة قريبا زهرة بن معبد وكنيته أبو عقيل أيضا وهو غير هذا. *3* الشرح: قوله (باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء) بكسر الميم وسكون التحتانية بعدها مثناة ومد بوزن مفعال من الإتيان والميم زائدة، قال أبو عمرو الشيباني: الميتاء أعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس بها. وقال غيره: هي الطريق الواسعة وقيل العامرة. قوله: (وهي الرحبة تكون بين الطريقين ثم يريد أهلها البنيان إلخ) وهو مصير منه إلى اختصاص هذا الحكم بالصورة التي ذكرها، وقد وافقه الطحاوي على ذلك فقال: لم نجد لهذا الحديث معنى أولى من حمله على الطريق التي يراد ابتداؤها إذا اختلف من يبتدئها في قدرها كبلد يفتحها المسلمون ولبس فيها طريق مسلوك، وكموات يعطيه الإمام لمن يحييها إذا أراد أن يجعل فيها طريقا للمارة ونحو ذلك. وقال غيره: مراد الحديث أن أهل الطريق إذا تراضوا على شيء كان لهم ذلك، وإن اختلفوا جعل سبعة أذرع، وكذلك الأرض التي يزرع مثلا إذا جعل أصحابها فيها طريقا كان باختيارهم، وكذلك الطريق التي لا تسلك إلا في النادر يرجع في أفنيتها إلى ما يتراضى عليه الجيران. الحديث: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ الشرح: قوله: (عن الزبير بن خريت) بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها تحتانية ساكنه ثم مثناة، بصري ما له في البخاري سوى هذا الحديث وحديثين في التفسير وآخر في الدعوات، وقد أورد ابن عدي هذا الحديث في أفراد جرير بن حازم راويه عن الزبير هذا، فهو من غرائب الصحيح، ولكن شاهده في مسلم من حديث عبد الله بن الحارث عن ابن عباس، وعند الإسماعيلي من طريق وهب بن جرير عن أبيه سمعت الزبير. قوله: (إذا تشاجروا) تفاعلوا من المشاجرة بالمعجمة والجيم أي تنازعوا، وللإسماعيلي " إذا اختلف الناس في الطريق " ولمسلم من طريق عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة " إذا اختلفتم " وأخرجه أبو عوانة في صحيحه وأبو داود والترمذي وابن ماجة من طريق بشير بن كعب وهو بالتصغير والمعجمة عن أبي هريرة بلفظ " إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع " ومثله لابن ماجة من حديث ابن عباس. قوله: (في الطريق) زاد المستملي في روايته " الميتاء " ولم يتابع عليه وليست بمحفوظة في حديث أبي هريرة، وإنما ذكرها المؤلف في الترجمة مشيرا بها إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته، وذلك فيما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا اختلفتم في الطريق الميتاء فاجعلوها سبعة أذرع " وروى عبد الله بن أحمد في " زيادات المسند " والطبري من حديث عبادة بن الصامت قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الميتاء " فذكره في أثناء حديث طويل، ولابن عدي من حديث أنس " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الميتاء التي تؤتى من كل مكان " فذكره، وفي كل من الأسانيد الثلاثة مقال. قوله: (بسبعة أذرع) الذي يظهر أن المراد بالذراع ذراع الآدمي فيعتبر ذلك بالمعتدل، وقيل المراد بالذراع ذراع البنيان المتعارف، قال الطبري: معناه أن يجعل قدر الطريق المشتركة سبعة أذرع ثم يبقى بعد ذلك لكل واحد من الشركاء في الأرض قدر ما ينتفع به ولا يضر غيره، والحكمة في جعلها سبعة أذرع لتسلكها الأحمال والأثقال دخولا وخروجا ويسع ما لا بد لهم من طرحه عند الأبواب، ويلتحق بأهل البنيان من قعد للبيع في حافة الطريق، فإن كان الطريق أزيد من سبعة أذرع لم يمنع من القعود في الزائد، وإن كان أقل منع لئلا يضيق الطريق على غيره. *3* وَقَالَ عُبَادَةُ بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا نَنْتَهِبَ الشرح: قوله: (باب النهبى بغير إذن صاحبه) أي صاحب الشيء المنهوب، والنهبى بضم النون فعلى من النهب، وهو أخذ المرء ما لبس له جهارا، ونهب مال الغير غير حائز، ومفهوم الترجمة أنه إذا أذن جاز، ومحله في المنهوب المشاع كالطعام يقدم للقوم فلكل منهم أن يأخذ مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه، وبنحو ذلك فسره النخعي وغيره، وكره مالك وجماعة النهب في نثار العرس، لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية والنهب يقتضي خلافها، وإما أن يحمل على أنه علق التمليك على ما يحصل لكل أحد، ففي صحته اختلاف فلذلك كرهه. وسيأتي لذلك مزيد بيان في أول كتاب الشركة إن شاء الله تعالى. قوله: (وقال عبادة: بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا ننتهب) هذا طرف من حديث وصله المؤلف في " وفود الأنصار " وقد تقدمت الإشارة إليه في أوائل كتاب الإيمان، وكان من شأن الجاهلية انتهاب ما يحصل لهم من الغارات، فوقعت البيعة على الزجر عن ذلك. الحديث: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ الشرح: قوله: (سمعت عبد الله بن يزيد) كذا للأكثر، وللكشميهني وحده " ابن زيد " وهو تصحيف. قوله: (وهو) يعني عبد الله (جده) أي جد عدي لأمه، واسم أمه فاطمة وتكنى أم عدي، وعبد الله بن يزيد هو الخطمي مضى ذكره في الاستسقاء، وليس له عن النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري غير هذا الحديث، وله فيه عن الصحابة غير هذا. وقد اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم. وروى هذا الحديث يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن شعبة فقال فيه " عن عدي عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري " أشار إليه الإسماعيلي، وأخرجه الطبراني، والمحفوظ عن شعبة ليس فيه أبو أيوب. وفيه اختلاف آخر على عدي بن ثابت كما سيأتي في كتاب الذبائح. وفي النهي عن النهبة حديث جابر عند أبي داود بلفظ " من انتهب فليس منا " وحديث أنس عند الترمذي مثله، وحديث عمران عند ابن حبان مثله. وحديث ثعلبة بن الحكم بلفظ " إن النهبة لا تحل " عند ابن ماجة، وحديث زيد بن خالد عند أحمد " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة". قوله: (عن النهبى والمثلة) بضم الميم وسكون المثلثة، ويجوز فتح الميم وضم المثلثة، وسيأتي شرحها في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى. ثم أورد المصنف حديث " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " الحديث، وفيه: " ولا ينتهب نهبة ترفع الناس إليه فيها أبصارهم " ومنه يستفاد التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَعَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا النُّهْبَةَ الشرح: قوله: (وعن سعيد) يعني ابن المسيب (وأبي سلمة) يعني ابن عبد الرحمن (عن أبي هريرة مثله إلا النهبة) يعني أن الزهري روى الحديث عن هؤلاء الثلاثة عن أبي هريرة فانفرد أبو بكر بن عبد الرحمن بزيادة ذكر النهبة فيه، وظاهره أن الحديث عند عقيل عن الزهري عن الثلاثة على هذا الوجه، وقد أخرجه في الحدود فقال فيه: " عن ابن شهاب عن سعيد وأبي سلمة مثله إلا النهبة " ورواه مسلم من طريق الأوزاعي عن الزهري عن الثلاثة بتمامه، وكأن الأوزاعي حمل رواية سعيد وأبي سلمة على رواية أبي بكر، والذي فصلها أحفظ منه فهو المحفوظ، وسيأتي مزيد بيان لذلك في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى. قوله: (قال الفربري: وجدت بخط أبي جعفر) هو ابن أبي حاتم وراق البخاري، (قال أبو عبد الله) هو المصنف (تفسيره) أي تفسير النفي في قوله: " لا يزني وهو مؤمن " (أن ينزع منه، يريد الإيمان) وهذا التفسير تلقاه البخاري من ابن عباس، فسيأتي في أول الحدود " وقال ابن عباس: ينزع منه نور الإيمان " وسنذكر هناك من وصله ومن وافقه على هذا التأويل ومن خالفه إن شاء الله تعالى. *3* الشرح: قوله: (باب كسر الصليب وقتل الخنزير) أورد فيه حديث أبي هريرة " ينزل ابن مريم " وسيأتي شرحه في أحاديث الأنبياء، وقد تقدم من وجه آخر في " باب من قتل الخنزير " في أواخر البيوع. وفي إيراده هنا إشارة إلى أن من قتل خنزيرا أو كسر صليبا لا يضمن لأنه فعل مأمورا به، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأن عيسى عليه السلام سيفعله، وهو إذا نزل كان مقررا لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى. ولا يخفى أن محل جواز كسر الصليب إذا كان مع المحاربين، أو الذمي إذا جاوز به الحد الذي عوهد عليه، فإذا لم يتجاوز وكسره مسلم كان متعديا لأنهم على تقريرهم على ذلك يؤدون الجزية، وهذا هو السر في تعميم عيسى كسر كل صليب لأنه لا يقبل الجزية، وليس ذلك منه نسخا لشرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل الناسخ هو شرعنا على لسان نبينا لإخباره بذلك وتقريره. الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ الشرح: قوله: (باب كسر الصليب وقتل الخنزير) أورد فيه حديث أبي هريرة " ينزل ابن مريم " وسيأتي شرحه في أحاديث الأنبياء، وقد تقدم من وجه آخر في " باب من قتل الخنزير " في أواخر البيوع. وفي إيراده هنا إشارة إلى أن من قتل خنزيرا أو كسر صليبا لا يضمن لأنه فعل مأمورا به، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأن عيسى عليه السلام سيفعله، وهو إذا نزل كان مقررا لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى. ولا يخفى أن محل جواز كسر الصليب إذا كان مع المحاربين، أو الذمي إذا جاوز به الحد الذي عوهد عليه، فإذا لم يتجاوز وكسره مسلم كان متعديا لأنهم على تقريرهم على ذلك يؤدون الجزية، وهذا هو السر في تعميم عيسى كسر كل صليب لأنه لا يقبل الجزية، وليس ذلك منه نسخا لشرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل الناسخ هو شرعنا على لسان نبينا لإخباره بذلك وتقريره.
|